مع تصاعد الضغوط على أسواق الطاقة، يواصل النفط التحرك في مسار هابط يثير قلق المستثمرين، مقتربًا من تسجيل أسوأ أداء له منذ تداعيات جائحة كورونا.

واقعًا جديدًا على سوق النفط

 تراجع الطلب العالمي، وتباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي، إلى جانب وفرة المعروض وعدم اليقين الجيوسياسي، كلها عوامل تفرض واقعًا جديدًا على سوق النفط، وتعيد إلى الأذهان مشاهد التقلبات الحادة التي شهدها العالم في ذروة الأزمة الصحية العالمية.

تراجع خام برنت

تراجع خام برنت بنسبة تقارب 15% إلى 16% على مدار العام، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط (WTI) انخفاضاً بنحو 18%، وهي أكبر تراجعات سنوية منذ صدمة الطلب عام 2020.

وهبطت أسعار خام برنت لتتداول حول مستويات 62 دولاراً للبرميل في ديسمبر 2025، مقارنة بمتوسط يزيد عن 80 دولاراً في عام 2024، كما اقترب الخام الأمريكي من مستويات 58 دولاراً، وهو أدنى مستوى له منذ فبراير 2021.

أسباب التراجع

وتشمل أسباب التراجع:

فائض المعروض: تشير التوقعات إلى أن الإنتاج العالمي سيتجاوز الطلب في عام 2026، مع زيادة إنتاج دول من خارج أوبك+ مثل الولايات المتحدة والبرازيل.
تطورات جيوسياسية: أثرت خطط السلام المقترحة في أوكرانيا وتوقعات رفع العقوبات المحتمل عن روسيا على السوق، مما قد يؤدي لتدفق المزيد من الإمدادات.

ضعف الطلب الصيني: شهد الطلب من الصين، أكبر مستورد للنفط، تباطؤاً ملحوظاً مقارنة بالاتجاهات التاريخية.

بالإضافة إلى العوامل السابقة، تبرز نقاط إضافية تفسر القلق السائد في الأسواق مع نهاية عام 2025 وبداية عام 2026:

تغيرات السياسة الأمريكية: مع اقتراب عام 2026، تترقب الأسواق تأثير السياسات التجارية والنفطية الأمريكية الجديدة، حيث تهدف الإدارة الحالية إلى زيادة "الاستقلال الطاقي" وتحفيز الحفر المحلي.

معضلة أوبك+: يواجه التحالف ضغوطاً متزايدة؛ فمن جهة، تؤدي التخفيضات إلى فقدان حصة سوقية لصالح المنتجين المستقلين (مثل الولايات المتحدة)، ومن جهة أخرى، فإن العودة لرفع الإنتاج في ظل فائض المعروض الحالي قد تؤدي إلى "انهيار سعري" مشابه لما حدث في 2020.

انكماش الطلب الصيني: الصين، التي كانت المحرك الرئيسي لنمو الطلب لعقود، تمر بمرحلة تحول هيكلي، فبجانب التباطؤ الاقتصادي، أصبحت أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم، مما أدى إلى تراجع فعلي في استهلاك البنزين والديزل بأكثر من المتوقع خلال عام 2025.

تأثير الدولار القوي: استمرت قوة الدولار الأمريكي في نهاية عام 2025، مما جعل النفط (المقوم بالدولار) أغلى بالنسبة لحاملي العملات الأخرى، وهو عامل تقني ساهم في كبح جماح أي محاولات لتعافي الأسعار.